"أكثر من ستون عاما على النكبة وضياع فلسطين من يد العرب"

التاسع من أبريل 1948

على بعد كيلومتر واحد إلى الغرب من مدينة القدس، تحيط بها قرى القسطل ولفتا وقالونيا وعين كارم والمالحة.

كانت تقع على المنحدرات الشرقية لتله ارتفاعها حوالي 800 متر، انتشرت بيوتها على السفوح وأحاطت بها الأشجار المثمرة وأشجار الصنوبر. كانت مساحة أراضيها عام 1945 تبلغ 2857 دونم، وأقيمت القرية على اثني عشر دونماً منها.

إنها قرية دير ياسين

مذبحة دير ياسين هي واحدة من حوالي أربع وعشرون مذبحة موثقة عن طريق المواطنين الفلسطينيين ضد القوات الصهيونية التي تريد تحويل فلسطين إلى دولة يهودية.

الإرهاب الذي حدث في دير ياسين كان سببا في نوبة من الهجرة الجماعية للفلسطينيين الذي خشوا على حياتهم وحياة أسرهم، فهجر أكثر من 700,000 فلسطيني بيوتهم وثرواتهم ومزارعهم، بلداتهم ومدنهم، وما لبثت العصابات اليهودية في الاستيلاء على ممتلكات الفلسطينيون الذين غادروا.

ورغم ما قيل عن مذبحة دير ياسين، إلا انه لم يعرف حتى الآن حجم الجريمة وحقيقة ما جرى رغم بشاعتها، ولم يعرف حجم الدم الفلسطيني الذي أريق، وما زالت أرشيفات القتلة وأرشيفات بريطانيا التي تتحمل جزء من المسئولية عن ما حدث، ترفض الكشف عن الوثائق الخاصة بالمذبحة.

المذبحة

صباح يوم الجمعة 9 أبريل 1948، وبعد استشهاد القائد عبد القادر الحسيني أبان الهجوم على قرية القسطل المجاورة لها، اتجهت مصفحات اليهود من عصابات الهاجاناه نحو القرية تصب نيرانها على أهلها الذين قاموا بدورهم بإطلاق الرصاص على المحتلين لفترة استمرت حتى السادسة والنصف صباحاً.

وقد شكل المناضلون من أهل القرية قوة لا يستهان بها لحماية النساء والأطفال والشيوخ والجرحى في القرية ولكنهم لم يتمكنوا من الصمود أمام الحشود الآثمة، وفلم يكن فيها سوى قوة قليلة العدد وقليلة التسليح فقد كان اغلب رجالها في معركة القسطل وفي القدس لتشييع جنازة الشهيد عبد القادر الحسيني، فانسحبوا إلى مواقع دفاعية بعد أن استشهد العديد منهم، وكافح أبناء القرية كفاح الأبطال قدر استطاعتهم وقاومت القرية بضراوة حتى آخر رصاصة. ثم قامت عصابات اليهود الأرغون وشتيرن بتفخيخ بيوت القرية بالديناميت واستولوا عليها بتفجيرها بيتاً بيتا.

ثم بعد ذلك قاموا بتمشيط المكان بالقنابل والمدافع الرشاشة، كانوا يطلقون النيران على كل ما يتحرك داخل المنازل لا يفرقون بين رجالا أو نساء، أطفال أو شيوخ، ثم أخذوا يطرقون أبواب البيوت ويخرجون من بداخلها، بخداع أهلها، حيث كانوا يرتدون الملابس العربية والكوفيات التي يجدونها أثناء تفتيشهم للبيوت، لكي يتسللوا إلى مواقع المقاتلين دون أن يشك بهم أحد واقتادوا من رجال القرية ونسائها أعدادا كثيرة ومن ثم أطلقوا عليهم النار فقتلوهم على الفور بدم بارد، ولم يتركوا فنا من فنون الإجرام إلا وطبقوه على اهلها.

شهداء فلسطنيون في دير ياسين

 

انتزعوا الحلي من أيدي النساء ومثلوا بجثث الضحايا تمثيلاً شنيعاً بعد نزع الملابس عنهم، وقد تمكن بعض السكان من الإفلات والتجئوا إلى القرى العربية المجاورة. أما من بقي من النساء والأطفال فقد ساقوهم ووضعوهم في سيارات شحن ومن بينهم الجرحى وقد انتزعوا الملابس عن النساء وطافوا بهن في الأحياء اليهودية حيث اعتدي عليهم المستوطنين الهمج، ومن ثم أُنزلوا عند مدخل حي مئاشعاريم، ويقدر عددهم حينئذ بمائتين كانت حالتهم يرثى لها.


الصفحة السابقة   الصفحة التالية